حصاد غزة بعد 475 يومًا- نصر أم أمل بالبقاء؟
المؤلف: محمد مفتي10.14.2025

من الفادح أن يقتطع المحلل حادثة ما من نسيجها المتكامل، ليقوم بتفسير تفاصيلها بمعزل عن باقي الأجزاء المكونة للحدث ذاته. ومع أن الواجب المهني والأخلاقي يملي على الإعلامي والرجل السياسي زرع بذور الأمل في المجتمع، إلا أن هذا لا يبرر تجميل الحقائق أو التخفيف من وقعها، فتشويه الحقائق سيؤدي بلا أدنى شك إلى تبسيط الوعي الجمعي، وهو ما سيدفع الأمة نحو سلسلة متصلة من الإخفاقات الذريعة. وفي أتون المعارك الطاحنة، يسعى كل طرف لإبراز تفوقه وتسويق صورة للخصم بأنه مُني بهزيمة نكراء، إلا أنه وكما قال اللورد بونسومبي "الحقيقة هي أولى ضحايا الحروب الضروس".
في اليوم الأول من أحداث السابع من أكتوبر، نقلت شاشات التلفزة قيام حركة حماس بأسر المئات من الرهائن الإسرائيليين والاستيلاء على العديد من آلياتهم العسكرية، وتجمهر مئات الفلسطينيين حولهم في مشهد بهيج وكأنه نصر مؤزر لما فعلته حماس. وحتى لو افترضنا جدلاً أن حماس قد خططت لعمليتها في السابع من أكتوبر بإتقان بالغ، بل ونجحت في توجيه ضربات قاصمة ومزلزلة لإسرائيل، السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هنا هو: هل أعدت حماس سيناريو للرد على ردة فعل إسرائيل تجاه هذا الهجوم الساحق والمباغت؟ وهل أخذت في الحسبان وضع المدنيين الأبرياء من هذه المعضلة العسكرية الحساسة؟.
عقب النجاح الذي حققته حماس في توجيه الضربة الأولى والمفاجئة، أعلنت عن دوافعها وطرحت شروطًا للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، وقد تجسدت هذه الشروط فيما عُرف بمبدأ "الكل مقابل الكل". والآن، وبعد مرور ما يربو على 475 يومًا، يحق لنا أن نتساءل عما إذا كانت حماس قد بلغت غاياتها المنشودة، وإذا ما تفحصنا أسس الاتفاق الأخير (الذي دخل حيز التنفيذ الفعلي)، فسنجد أن عدد الأسرى المنتظر إطلاق سراحهم لا يبلغ ألفي أسير فلسطيني، وهو ما يثير تساؤلًا محزنًا ومؤرقًا: هل مقتل ما يزيد على خمسين ألف شهيد وإصابة أكثر من مائة وخمسين ألف جريح وخراب مدن بأكملها يمثل تعويضًا منصفًا أو منطقيًا مقابل إطلاق سراح هؤلاء الأسرى؟ وهل المقاومة يجب أن تكون إما استسلامًا كاملًا أو تهورًا قاتلًا لا يراعي العواقب؟.
مما لا شك فيه أن كل فرد مسلم وعربي يتوق إلى اليوم الذي يسترد فيه الشعب الفلسطيني حقوقه المسلوبة وأراضيه المغتصبة، إلا أن بلوغ هذا الهدف النبيل باستعادة الأرض والحقوق يجب ألا يكون عبر عمليات قد تفضي إلى مقتل عشرات الآلاف من الأبرياء، لا سيما في مواجهة عدو أحمق مدعوم من قوى عظمى نافذة. فما قيمة الوطن إذا كان قاطنوه جرحى ومعاقين لا مأوى لهم ولا يمتلكون مرافق حياتية أو مؤسسات تعليمية وصحية؟ لا يعرفون لماذا وكيف وإلى أي مصير مجهول يعيشون في وطن مدمر ومستقبل قاتم؟
من المسلم به أن قضية الشعب الفلسطيني هي قضية عادلة ومحقة، إلا أن خصومتهم كانت مع عدو أبله يتربص أي فرصة سانحة لإبادتهم. وعقب إبرام اتفاق غزة الأخير، خرجت بعض قيادات حماس تعلن بغبطة عن انتصارها، وهو ما يدعونا للتساؤل: هل تحررت القدس حقًا أم عاد كل شيء إلى نقطة البداية؟ ومع الأسف، لا وجود لنقطة بداية في الحروب، فالحرب تخلف وراءها الخراب والدمار في كل بقعة وركن. ومن المؤسف والمرير أنّه لم يعد الآن بيت في غزة يخلو من قتيل أو مصاب.
خلال العدوان على غزة الذي استمر لأكثر من عام، تناولت في زاويتي في صحيفة عكاظ الجرائم والمجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة ولبنان، إلا أنني تجنبت الخوض في مكاسب وخسائر الفلسطينيين، فهم ليسوا بحاجة إلى مزيد من الآلام. لكن بعد اتفاق غزة، ينبغي على قادة حماس إعداد بيان تفصيلي لما يزيد على 475 يومًا لتقديمه إلى شعبهم، يوضحون فيه المكاسب والخسائر التي أسفرت عنها هذه الحرب. وعقب خروج حشود من الشعب الفلسطيني في غزة مبتهجة ومستبشرة بهدنة الحرب، حاولت حماس الإيحاء بأن هذه الفرحة نابعة من نشوة الانتصار، إلا أنني أشك في ذلك. قد يعزى سبب الفرحة إلى شعور البعض بوجود بصيص من الأمل في إنقاذ ما لم يتم تدميره بعد على يد الجيش الإسرائيلي الغاشم، فالفرحة تعبر عن رغبتهم العميقة –كأي شعب في العالم- في أن يعيشوا في أمان وسلام واطمئنان على أنفسهم وعلى ذويهم.
في اليوم الأول من أحداث السابع من أكتوبر، نقلت شاشات التلفزة قيام حركة حماس بأسر المئات من الرهائن الإسرائيليين والاستيلاء على العديد من آلياتهم العسكرية، وتجمهر مئات الفلسطينيين حولهم في مشهد بهيج وكأنه نصر مؤزر لما فعلته حماس. وحتى لو افترضنا جدلاً أن حماس قد خططت لعمليتها في السابع من أكتوبر بإتقان بالغ، بل ونجحت في توجيه ضربات قاصمة ومزلزلة لإسرائيل، السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هنا هو: هل أعدت حماس سيناريو للرد على ردة فعل إسرائيل تجاه هذا الهجوم الساحق والمباغت؟ وهل أخذت في الحسبان وضع المدنيين الأبرياء من هذه المعضلة العسكرية الحساسة؟.
عقب النجاح الذي حققته حماس في توجيه الضربة الأولى والمفاجئة، أعلنت عن دوافعها وطرحت شروطًا للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، وقد تجسدت هذه الشروط فيما عُرف بمبدأ "الكل مقابل الكل". والآن، وبعد مرور ما يربو على 475 يومًا، يحق لنا أن نتساءل عما إذا كانت حماس قد بلغت غاياتها المنشودة، وإذا ما تفحصنا أسس الاتفاق الأخير (الذي دخل حيز التنفيذ الفعلي)، فسنجد أن عدد الأسرى المنتظر إطلاق سراحهم لا يبلغ ألفي أسير فلسطيني، وهو ما يثير تساؤلًا محزنًا ومؤرقًا: هل مقتل ما يزيد على خمسين ألف شهيد وإصابة أكثر من مائة وخمسين ألف جريح وخراب مدن بأكملها يمثل تعويضًا منصفًا أو منطقيًا مقابل إطلاق سراح هؤلاء الأسرى؟ وهل المقاومة يجب أن تكون إما استسلامًا كاملًا أو تهورًا قاتلًا لا يراعي العواقب؟.
مما لا شك فيه أن كل فرد مسلم وعربي يتوق إلى اليوم الذي يسترد فيه الشعب الفلسطيني حقوقه المسلوبة وأراضيه المغتصبة، إلا أن بلوغ هذا الهدف النبيل باستعادة الأرض والحقوق يجب ألا يكون عبر عمليات قد تفضي إلى مقتل عشرات الآلاف من الأبرياء، لا سيما في مواجهة عدو أحمق مدعوم من قوى عظمى نافذة. فما قيمة الوطن إذا كان قاطنوه جرحى ومعاقين لا مأوى لهم ولا يمتلكون مرافق حياتية أو مؤسسات تعليمية وصحية؟ لا يعرفون لماذا وكيف وإلى أي مصير مجهول يعيشون في وطن مدمر ومستقبل قاتم؟
من المسلم به أن قضية الشعب الفلسطيني هي قضية عادلة ومحقة، إلا أن خصومتهم كانت مع عدو أبله يتربص أي فرصة سانحة لإبادتهم. وعقب إبرام اتفاق غزة الأخير، خرجت بعض قيادات حماس تعلن بغبطة عن انتصارها، وهو ما يدعونا للتساؤل: هل تحررت القدس حقًا أم عاد كل شيء إلى نقطة البداية؟ ومع الأسف، لا وجود لنقطة بداية في الحروب، فالحرب تخلف وراءها الخراب والدمار في كل بقعة وركن. ومن المؤسف والمرير أنّه لم يعد الآن بيت في غزة يخلو من قتيل أو مصاب.
خلال العدوان على غزة الذي استمر لأكثر من عام، تناولت في زاويتي في صحيفة عكاظ الجرائم والمجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة ولبنان، إلا أنني تجنبت الخوض في مكاسب وخسائر الفلسطينيين، فهم ليسوا بحاجة إلى مزيد من الآلام. لكن بعد اتفاق غزة، ينبغي على قادة حماس إعداد بيان تفصيلي لما يزيد على 475 يومًا لتقديمه إلى شعبهم، يوضحون فيه المكاسب والخسائر التي أسفرت عنها هذه الحرب. وعقب خروج حشود من الشعب الفلسطيني في غزة مبتهجة ومستبشرة بهدنة الحرب، حاولت حماس الإيحاء بأن هذه الفرحة نابعة من نشوة الانتصار، إلا أنني أشك في ذلك. قد يعزى سبب الفرحة إلى شعور البعض بوجود بصيص من الأمل في إنقاذ ما لم يتم تدميره بعد على يد الجيش الإسرائيلي الغاشم، فالفرحة تعبر عن رغبتهم العميقة –كأي شعب في العالم- في أن يعيشوا في أمان وسلام واطمئنان على أنفسهم وعلى ذويهم.
